تهافت الأطفال على سوق العمل مؤشر كبير على شرخ اجتماعي خطير.. واقع مخيف ومرير ذاك الذي تعكسه الأرقام التي استقيناها عن الطفولة في بلادنا في عيدها العالمي.. أرقام تستدعي وقفة وتستوجب تحركا سريعا للجهات الوصية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في جيل أضحى لا يؤمن بالدراسة ويقدّس الدينار ويفكر في "الحرقة" مرددا مقولة "يأكلني حوت البحر ولا دود بلادي"..
عمالة، تشرد، انحراف، إجرام، أمية واختطاف..
الجزائر تحتل المراتب الأولى عربيا في عمالة الأطفال
مليون طفل عامل في الجزائر.. 36 ألف طفل متشرد ومسعف.. 500 ألف طفل يتسربون سنويا فيحترف معظمهم الإجرام فأصبحت محاكمنا تحاكم 12 ألف طفل كل عام.. 10 بالمائة من أطفالنا لا يدرسون و6 بالمائة منهم أمّيون.. والنكبة الكبرى ظاهرة الاختطافات التي أضحت ترعب البراعم قبل ذويهم .... أرقام مرعبة تترفع عن أي تعليق...
مليون طفل عامل في الجزائر
كشفت آخر دراسة حول ظاهرة تشغيل الأطفال في الجزائر قامت بها الهيئة الجزائرية لتطوير الصحة وترقية البحث "فورام"، عن تواجد مليون طفل عامل في الجزائر ويزيد هذا العدد بـ 300 ألف طفل أيام العطل والمناسبات، كما كشف أحدث تقرير لمنظمة العمل الدولية عن 13 مليون طفل عامل في الدول العربية، تأتي منطقة المغرب العربي في الصدارة بـ 6.2 مليون طفل تحتل الجزائر فيها المرتبة الأولى بـ 1.8مليون طفل عامل، بينهم 1.3 مليون تراوح أعمارهم بين 6 و 13 سنة من ضمنهم 56٪ من الإناث.. و28٪ لا يتعدى سنهم الـ15 سنة، كما أن 4،15٪ أيتام فقدوا سواء الأب أو الأم. فيما يعيش 1،52٪ منهم في المناطق الريفية.
وقسّم التقرير منظومة تشغيل الأطفال في المنطقة العربية إلى أربع مجموعات، وضعت الجزائر في المجموعة الرابعة التي تضم إلى جانبها كلاً من: الصومال، جيبوتي، العراق، السودان، فلسطين، التي مرت بظروف استثنائية، في حين ربطت ظاهرة تشغيل الأطفال بتقديرات منظمة اليونسكو التي تحدثت قبل أشهر عن 8 ملايين طفل في سن الالتحاق بالمرحلة الأولى للتعليم ظلوا خارج المدارس من بينهم 700 ألف طفل جزائري.
وتفيد آخر التحقيقات التي أنجزتها مفتشية العمل بوزارة العمل والضمان الاجتماعي حول عمل الأطفال بالجزائر، بوجود 95 طفلا فقط يعملون بالمؤسسات، أي بنسبة 0.56 % من مجموع 16895 عامل تابع لـ 5847 مؤسسة بالقطاع العام، وهو رقم ضئيل جدا لا يعتبر مخيفا في نظر الخبراء. كما أشارت إلى أنه من بين 13999 محضر مخالفة، سجل على مستوى المؤسسات، تم تحرير خمسة محاضر مخالفة تتعلق بعمالة الأطفال.
ويضيف الباحث في علم الاجتماع، الهادي سعدي، أن ظاهرة عمالة الأطفال أصبحت الآن بمثابة قنبلة موقوتة تهدد نسيج وكيان المجتمع، وللحد من هذه الظاهرة فإنه يجب على الجهات المعنية وبالأخص الإعلامية منها تنظيم حملة توعية وطنية شاملة بهدف تبصير المجتمع بمخاطر وأضرار هذه الظاهرة التي تقود الأجيال الصاعدة إلى الضياع ونفس الكلام ينطبق أيضا على منظمات المجتمع المدني التي يجب أن تشارك في توعية المجتمع بهذا الخصوص.
36 ألف طفل مسعف ومشرد
تضم شوارع الجزائر أزيد من 15 ألف طفل مشرد و21 طفلا مجهول الهوية معظمهم لا يتجاوز 14 سنة، وهم معرضون يوميا لحالات عنف واعتداءات واستغلال في الإجرام، حسبما كشف عنه البروفسور مصطفى خياطي رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث في تصريح لـ "الشروق اليومي"، مؤكدا أن الجزائر تعرف فراغا قانونيا في مجال الطفولة خاصة مع استفحال ظاهرتي الاختطاف والاعتداءات الجنسية التي فاقت 250 قضية منذ بداية السنة، مؤكدا أن المرصد الوطني لحقوق الطفل الذي يضم 300 جمعية طفولية اقترح مبادرة إنشاء الشبكة المغاربية لحقوق الطفل التي ستشرع في العمل نهاية السنة الجارية وهي تضم جميع الهيئات والجمعيات الطفولية في دول المغرب العربي والتي ستعمل على التنسيق فيما بينها لاستحداث استراتيجية موحدة لتفعيل حقوق الأطفال في الواقع.
المركز العربي للمصادر والمعلومات حول العنف ضد المرأة أما الموضوع الآتي فيوضح التراجع الذي شهده عالم تشغيل القصر:
سجلت الجزائر تراجعا في نسبة عمالة الأطفال من 56,0 في المائة سنة 2003 إلى 3,0 في المائة سنة 2011، موازاة مع انخفاض النسبة العالمية لتشغيل الأطفال بنسبة 39 بالمائة، حسب الأمين العام لوزارة العمل والضمان الاجتماعي.
وأكد الأمين العام لوزارة العمل والضمان الاجتماعي أن الجزائر ليست معنية بأسوأ أشكال عمل الأطفال، والتي يسعى المجتمع الدولي إلى القضاء عليه بحلول 2016، مبرزا أن نسبة الأطفال الذين يشتغلون لإعالة عائلاتهم تبقى بعيدة عن المستوى العالمي.
وأشار المتحدث في مداخلته أمس، بمناسبة إحياء اليوم العالمي ضد عمالة الأطفال، والذي حمل هذه السنة شعار ''الحد من تشغيل الأطفال في الأعمال الخطرة''، أن المعطيات التي تتوفر عليها الوزارة تشير إلى أن الوضعية في الجزائر لا تدعو للقلق. وأضاف المتحدث: ''سجلنا تراجعا محسوسا في نسبة عمالة الأطفال، حيث وصلت إلى 3,0 في المائة في 2011 بعد أن كانت في حدود 56,0 في المائة سنة .''2003
وفيما يتعلق بتحقيق هدف القضاء نهائيا على هذه الظاهرة، أكد المتحدث أن التشريع الجزائري مطابق للقواعد التي توصي بها المنظمات الدولية، لاسيما احترام السن القانوني للعمل، منع الأعمال الخطرة على القصر، العمل الليلي، مواصلا: ''إن الحد الأدنى لسن القبول في العمل وسن استكمال التعليم الإلزامي يحدّد في بلادنا بـ16 سنة، فيما تشترط المعايير الدولية ألا يقل عن 14 أو 15 سنة''.
من جهته، أشار ممثـل اليونيسيف في الجزائر إلى أن عمالة الأطفال في الجزائر تبقى ضعيفة مقارنة بغيرها من الدول، مبرزا أن أغلب حالات تشغيل الأطفال في الجزائر تسجل في المناطق الريفية، فيما يتركز نشاط نسبة كبيرة منهم في الأنشطة التجارية والعمل في البيوت. وأوضح المتحدث أن الفقر يبقى السبب الرئيسي لدفع العائلات بأبنائها لعالم الشغل مبكرا، مواصلا: ''تحسين ظروف الدعم الاجتماعي لهذه العائلات هي الطريقة المثـلى للقضاء على الظاهرة''.
من جانب آخر، توقفت ممثـلة وزارة الصحة عند المخاطر التي تنجم عن تشغيل الأطفال في سن مبكرة، مشيرة إلى تأثـير العمل على الأطفال وهم في طور النمو الجسدي والعقلي، مضيفة: ''كما أن تأثـرهم بالمواد الكيميائية وغيرها يزيد من نسبة إصابتهم بالأمراض، بالمقارنة مع أولئك الذين يلجون عالم الشغل بعد سنة .''18
الخبر...13جوان 2011