منتديات بليمور القلعة
منتديات بليمور القلعة ترحب بكم

مرحبا بك بين بساتين وازهار شروقنا ورحيق التواصل
وشهد المحبه والاخلاص
منور بتواجدك معنا ويسعدنا تواصلك واشتراكك معنا
أتمنى تفيد وتستفيد ولا تبخل علينا بما لديك
منتديات بليمور القلعة
منتديات بليمور القلعة ترحب بكم

مرحبا بك بين بساتين وازهار شروقنا ورحيق التواصل
وشهد المحبه والاخلاص
منور بتواجدك معنا ويسعدنا تواصلك واشتراكك معنا
أتمنى تفيد وتستفيد ولا تبخل علينا بما لديك
منتديات بليمور القلعة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات بليمور القلعة

ابداعية هادفة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسم الله الرحمان الرحيمالسلام عليكم و رحمة الله و بركاته تويرة + أولاد اخلوف + أولاد حناش + أولاد مخلوف + أولاد سيدي سعيد+ المعاضيد + أولاد سيدي موسي+ اولاد سيدي احسن +الدشرة ...اختلاف = لا خلاف


لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين - حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم - رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً - لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم - اللهم صل على سيدنا محمد في الأولين وصل على سيدنا محمد في الآخرين وصل على سيدنا محمد في الملأ الأعلى إلى يوم الدين - اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت - لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير - اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماضِ في حكمك ، عدل في قضاؤك أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي - اللهم إني أعوذ بك من الهم والخزن ، والعجز والكسل والبخل والجبن ، وضلع الدين وغلبة الرجال - لاإله إلا الله العظيم الحليم ، لاإله إلا الله رب العرش العظيم ، لاإله إلا الله رب السموات ورب العرش الكريم - اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ِ وأصلح لي شأني كله لاإله إلا أنت - لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين - اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك لاأحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك - اللهم إياك نعبد ، ولك نُصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحقدُ ، نرجُو رحمتك ، ونخشى عذابك ، إن عذابك بالكافرين ملحق ، اللهم إنا نستعينك ، ونستغفرك ، ونثني عليك الخير ، ولانكفرك ، ونؤمن بك ونخضع لك ، ونخلع من يكفرك - ربنا لاتؤاخذنا إن نسينا أو أخطئنا، ربنا ولاتحمل علينا إصراً كمت حملته على الذين من قبلنا، ربنا ولاتحملنا مالاطاقة لنا به، واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين - اللهم اني اسالك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والفوز بالجنة والنجاة من النار - اللهم اكفني بحلالك عن حرامك واغنني بفضلك عمن سواك - اللهم اجعل في قلبي نورا ، وفي لساني نورا ، واجعل في سمعي نورا ، واجعل في بصري نورا ، واجعل من خلفي نورا ، ومن أمامي نورا ، واجعل من فوقي نورا ، ومن تحتي نورا . اللهم أعطني نورا حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم - اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت رب كل شيء ومليكه أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدا عبدك ورسولك أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه وأن أقترف على نفسي سوءا أو أجره إلى مسلم - يا حي ياقيوم برحمتك استغيث ، أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين - اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي
***منتديات بليمور القلعة ***
تتمنى لكم رمضان كريم .................2014 اهلا وسهلا بكم .......رمضان يجمعنا .....ننتظر بشوق مساهماتكم


منتديات بليمور القلعة نلتقي لنرتقي


 

 دروس في مقياس الشريعة الإسلامية الجزء 3

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
didou
المشرف
didou


عدد المساهمات : 531
نقاط : 1489
تاريخ التسجيل : 06/10/2009
العمر : 33
الموقع : khdidou90@hotmail.com

دروس في مقياس الشريعة الإسلامية الجزء 3 Empty
مُساهمةموضوع: دروس في مقياس الشريعة الإسلامية الجزء 3   دروس في مقياس الشريعة الإسلامية الجزء 3 I_icon_minitimeالخميس أكتوبر 15, 2009 5:44 pm

ثالثا: ما ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لهند زوج أبي سفيان حينما اشتكت إليه بخل زوجها عليها بالنفقة، قال لها: ( خذي من مال أبي سفيان ما يكفيك وولدك بالمعروف ). قال القرطبي: في هذا الحديث اعتبار العرف في الشرعيات[207].
رابعا: إن تعارف الناس على قول أو فعل ما لدليل على أن في ذلك تحقيقا لمصلحة أو رفعا لحرج، وتحقيق المصالح ورفع الحرج مما جاءت الشريعة لتقريره.
وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى الاحتجاج بالعرف، ومع أنه قد اشتهر الأخذ به عند الحنفية والمالكية، فقد قيل أن الشافعي قد بنى أحكام مذهبه الجديد على عرف أهل مصر، وقد كان في مذهبه القديم ما بناه على عرف أهل العراق. يقول القرافي: " أما العرف فمشترك بين المذاهب، ومن استقرأها وجدهم يصرحون بذلك "[208].
3. أقسامه:
أ- تقسيم العرف إلى قولي وعملي:
أولا: العرف القولي: مثل تعارف الناس على إطلاق لفظ "الولد" على الذكر دون الأنثى مع أن لفظ "الولد" ينطبق على الذكر والأنثى معا، يقول تعالى: « يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين »[209].
وتعارفهم على إطلاق لفظ "الدابة" على ذوات الأربع، مع أن كل ما يدب على الأرض يسمى "دابة"، قال تعالى: « وما من دابة على الأرض إلا على الله رزقها »[210].
كما تعارف سكان بعض البلاد المصرية على إطلاق "الدابة" على الحمار فقط، في حين يطلق سكان بعض البلاد العراقية والسودانية لفظ "الدابة" على الفرس فقط.
كما تعارف الناس أيضا على إطلاق لفظ " اللحم" على ما عدا السمك من اللحوم، مع أن القرآن سماه "لحما"[211] في قوله تعالى: « وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا »[212].
ثانيا: العرف العملي: مثل تعارف الناس على البيع بالتعاطي في بعض السلع دون إيجاب و قبول، وتقسيم المهر إلى معجل ومؤجل، ودخول الحمامات والأندية والمقاهي دون تحديد لمدة المكث فيها.[213]
ب- تقسيم العرف إلى عام وخاص:
أولا: العرف العام: هو ما تعارف عليه الناس جميعا في عصر من العصور[214].
ثانيا: العرف الخاص: هو ما تعارف عليه الناس في طائفة معينة أو بلد معين، وهذا ما نجده في الواقع، حيث تختلف الأعراف من طائفة إلى أخرى، ومن بلد إلى آخر[215].
4. شروط العمل بالعرف:
أولا: ألا يناقض العرف نصا قطعيا، فلا عبرة لما تعارف عليه الناس من أكل الربا، لأنه عرف فاسد [216]، لمصادمته قوله تعالى: « وأحل الله البيع وحرم الربا »[217].
ثانيا: أن يكون العرف مطردا، أي في جميع الحوادث أو أغلبها، فلا عبرة بالعرف غير الغالب.[218]
ثالثا: أن يكون العرف المراد تحكيمه في التصرفات موجودا عند إنشائها وذلك بأن يقارن الفعل دون تأخير عنه، فلو كان العرف طارئا فلا عبرة به.[219]
رابعا: ألا يعارض العرف تصريح بخلافه، فمثلا إذا كان العرف الجاري تعجيل نصف المهر وتأخير النصف لكن اشترطت المرأة تعجيل كل المهر وقبل الزوج بذلك، فإن العرف لا يحكم في هذه الحالة لأنه لا يلجأ إليه إلا إذا لم يوجد ما يفيد مقصود العاقدين صراحة، فحيث علم المقصود صراحة من الشرط لا يصار إلى العرف.[220]
5. اختلاف الأحكام باختلاف العرف:
وردت أحكام كثيرة مبنية على العرف، وكان اختلاف الأعراف سببا لاختلاف تلك الأحكام، وهذا الاختلاف يقال عنه: أنه اختلاف عصر وزمان، لا اختلاف حجة وبرهان، ومن أمثلة هذا الاختلاف ما يأتي:
1- أن الإمام أبا حنيفة كان يرى الاكتفاء في الشهود بالعدالة الظاهرة فيما عدا الحدود والقصاص، ولم يشترط التزكية لقوله صلى الله عليه وسلم: " المسلمون عدول بعضهم على بعض "، وكان هذا الحكم مناسبا لزمان أبي حنيفة لغلبة الصلاح فيه، ولما تغير حال الناس وفشا فيهم الكذب رأى الصاحبان أن الأخذ بظاهر العدالة كما يقول أبو حنيفة يؤدي إلى مفسدة، وهي ضياع كثير من الحقوق، فدعا فساد الزمان وتغيره أن يقولا بتزكية جميع الشهود دفعا لهذه المفسدة.
2- أن أبا حنيفة قال: لا يتحقق الإكراه من غير السلطان، وقال الصاحبان: إن الإكراه يتحقق من غير السلطان، فهذا القول من أبي حنيفة مبني على ما شاهده في عصره من أن القدرة والمنفعة لم تكن إلا لسلطان، وهذا الحال تغير في زمن الصاحبين، وصار لكل ظالم القدرة على إيقاع ما هدد به من الأذى والمكروه، فقالا: إن الإكراه يتحقق أيضا من غير السلطان.
3- اختلف أبو حنيفة وصاحباه فيما لو غصب شخص ثوبا وصبغه بلون أسود، فقال أبو حنيفة: إنه نقصان في قيمته، وقال الصاحبان: إنه زيادة فيها كما لو صبغه بلون أصفر أو أحمر. ومرجع هذا الاختلاف إلى العرف، فإن بني أمية في زمن أبي حنيفة كانوا يمتنعون عن لبس السواد، فكان مذموما، وفي زمن الصاحبين كان بنو العباس يلبسون السواد، فكان ممدوحا، فأجاب كل منهم على ما شاهد من عادة أهل عصره.[221]
4- روي عن الإمام مالك أنه إذا تنازع الزوجان في قبض الصداق بعد الدخول فالقول قول الزوج، مع أن الظاهر أن القول يكون للزوجة لأن الأصل عدم القبض، فداء بعض فقهاء المالكية فقالوا: هذه كانت عادتهم بالمدينة أن الرجل لا يدخل بامرأته حتى تقبض صداقها، واليوم عادتهم على خلاف ذلك، فالقول قول الزوجة مع يمينها جريا على عادات الناس[222].
رابعا: الاستصحاب
1. تعريفه:
أ- لغة: يقصد به استمرار الصحبة.
ب- اصطلاحا: معناه استبقاء الأمر الثابت في الزمن الماضي إلى أن يقوم الدليل على تغييره.[223]
2. حجيته:
من الأدلة التي احتج بها القائلون بحجية الاستصحاب ما يأتي:
أولا: أن استقراء الأحكام الشرعية يظهر أن الشارع يحكم ببقائها حتى يحدث ما يغيرها، فعصير العنب حلال إلى أن يصير خمرا، والعشرة الزوجية حلال بين الزوجين إلى أن يزول عقد الزواج، والمفقود يكون حيا بالاستصحاب إلى أن يقوم الدليل على وفاته، وله كل أحكام الأحياء.[224]
ثانيا: إن مما فطر الله الناس عليه، وجرى به عرفهم في معاملاتهم وسائر عقودهم وتصرفاتهم أنهم إذا تحققوا من وجود أمر في الماضي غلب على ظنهم بقاؤه واستمراره ما دام لم يثبت ما ينافيه، كما أنهم إذا تحققوا من عدم وجود أمر غلب على ظنهم استمرار عدمه حتى يثبت لهم وجوده.[225]
3. أنواعه:
يقسم الاستصحاب إلى الأنواع الآتية:
الأول: استصحاب الحكم الأصلي للأشياء وهو الإباحة:
يقرر جمهور الفقهاء أن الأصل في الأشياء الإباحة استنادا إلى الأدلة التالية:
قوله تعالى: « هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا...»[226].
وقوله: « وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه...»[227].
وقوله: « قل من حرم زينة الله التي أخرجها لعباده والطيبات من الرزق...»[228].
فإذا كان الله قد سخر لنا ما في السموات والأرض، فإن ذلك دليل الإذن والإباحة، ونفي الحرمة في الآية الأخيرة يعني إثبات الإباحة.
كما استدلوا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إن أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن شيء فحرم من أجل مسألته ).
وبقوله: ( الحلال ما أحله الله في كتابه، والحرام ما حرمه الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه ).
الثاني: استصحاب العدم الأصلي أو البراءة الأصلية، كالحكم ببراءة الذمة من التكاليف الشرعية والحقوق حتى يوجد الدليل الدال على ما يشغلها [229].
وعن هذا النوع قال ابن قيم الجوزية: " فقد تنازع الناس فيه، فقالت طائفة من الفقهاء والأصوليين أنه يصلح للدفع لا للإبقاء كما قاله بعض الحنفية، ومعنى ذلك أنه يصلح لأن يدفع به من ادعى تغيير الحال لبقاء الأمر على ما كان، فإن بقاءه على ما كان إنما مستند إلى موجب الحكم لا إلى عدم المغير له، فإذا لم نجد دليلا نافيا ولا مثبتا أمسكنا لا نثبت الحكم ولا ننفيه، بل ندفع بالاستصحاب دعوى من أثبته، فيكون حال المتمسك بالاستصحاب كحال المعترض مع المستدل، فهو يمنعه الدلالة حتى يثبته لا إن يقيم دليلا على نفي ما ادعاه، وهذا غير حال المعارض: فالمعارض لون والمعترض لون، فالمعترض يمنع دلالة الدليل، والمعارض يسلم دلالته ويقيم دليلا على نقيضه. وذهب الأكثرون من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم على أنه يصلح لإبقاء الأمر على ما كان عليه، قالوا: لأنه إذا غلب على الظن انتفاء الناقل غلب على الظن بقاء الأمر على ما كان عليه "[230].
الثالث: استصحاب ما دل العقل أو الشرع على ثبوته، فإذا استدان شخص من آخر مبلغا من المال فقد ثبتت مديونيته، وتبقى ذمته مشغولة بهذا الدين حتى يقوم الدليل على براءتها بسداد الدين أو الإبراء[231]، وإذا ثبت الملك لشخص بسبب من أسباب الملك: كالبيع أو الإرث مهما طال الزمان اعتبر قائما حتى يقوم الدليل على انتفائه بسبب طارئ[232]، وإذا تزوج شخص امرأة وثبت ذلك فإنه يحكم ببقاء الزوجية ما لم يقم عنده دليل على الفرقة[233].
¨ قواعد شرعية مبنية على الاستصحاب:
من القواعد الشرعية المبنية على الاستصحاب[234] ما يلي:
1- الأصل في الأشياء الإباحة.
2- الأصل في الإنسان البراءة.
3- اليقين لا يزول بالشك.
4- الأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يثبت ما يغيره.

خامسا: الاستحسان
1. تعريفه:
عرفه الفقيه الحنفي أبو الحسن الكرخي بقوله: " هو أن يعدل المجتهد عن أن يحكم في المسألة بمثل ما حكم في نظائرها إلى خلافه لوجه أقوى يقتضي العدول عن الأول "[235].
2.أنواعه[236]:
النوع الأول: ترجيح قياس خفي على قياس ظاهر جلي لقوة تأثير القياس الخفي، ومثاله: ما قرره الفقهاء أن الشخص إذا وقف أرضا زراعية على جهة بر، فإن حقوقها من الشرب والمسيل والمرور تدخل في الوقف، ولو لم ينص في وقفه على ذلك، مع أن مقتضى القياس عدم دخولها إلا بالنص عليها كما في بيع الأرض، حيث لا تدخل في المبيع إلا بالنص عليها، ووجه الاستحسان أن الوقف لا يفيد ملك الموقوف عليه للمال الموقوف، وإنما يثبت له ملك المنفعة فقط، والأرض لا يمكن الانتفاع بها بدون حقوق الارتفاق، كما في عقد الإجارة، فهنا قيا سان: قياس ظاهر وهو إلحاق الوقف بالبيع من جهة أن كلا منهما يفيد إخراج المال من مالكه، وقياس خفي وهو إلحاقه بالإجارة من ناحية أن كلا منهما مقصود الانتفاع، فرجحوا الثاني.
النوع الثاني: استثناء مسألة جزئية من قاعدة عامة لوجه اقتضى هذا الاستثناء.
ومثاله أن المحجور عليه للسفه يصح وقفه على نفسه مدة حياته استحسانا استثناء من القاعدة العامة وهي عدم صحة تبرعاته، ووجه الاستحسان أن وقفه على نفسه يحفظ العقار الموقوف من الضياع للزوم الوقف، وعدم قبوله للبيع والشراء، فيتحقق الغرض الذي حجر عليه من أجله، وهو المحافظة على أمواله فهو استحسان يستند إلى المصلحة.
3. موقف العلماء من الاستحسان[237]:
ذهب الشافعي[238] والظاهرية والشيعة إلى إنكار الاستحسان، بينما ذهب الجمهور إلى الاحتجاج به.
أدلة المنكرين:
1- قوله سبحانه وتعالى: «...فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر...»[239].
فالله سبحانه وتعالى في هذه الآية قد ردنا إلى حكمه وحكم رسوله عليه السلام كما جاء في الكتاب والسنة عند حصول النزاع أو الاختلاف، ولم يقل فردوه إلى ما تستحسنونه بعقولكم.
2- ما روي عن سعيد بن المسيب عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال: قلت: يا رسول الله الأمر ينزل بنا لم ينزل فيه قرآن ولم تمض فيه منك سنة ؟ قال: (أجمعوا له العالمين، أو قال: العابدين من المؤمنين فاجعلوه شورى بينهم ولا تقضوا فيه برأي واحد ).
3- إن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعمل برأيه واستحسانه في مجال التشريع، فيمنع ذلك - من باب أولى - على غيره.
أدلة المؤيدين:
1- قوله تعالى: « الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب »[240].
فالله سبحانه يمدح الذين يتبعون أحسن ما يستمعون من القول، والمدح لا يكون إلا عند فعل الأولى والمطلوب، ومن ثم لم يكن الاستحسان محظورا، ولا القول به ممنوعا.
2- قوله تعالى: « واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم... »[241]
3- قوله تعالى: «...فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها... »[242]
4- قوله عليه الصلاة والسلام: ( ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ).
سادسا: المصلحة المرسلة
1. أنواع المصالح التي تقوم عليها الشريعة:[243]
أولا: المصالح الضرورية: " وهي التي تكون الأمة بمجموعها وآحادها في ضرورة إلى تحصيلها، بحيث لا يستقيم النظام باختلالها، بحيث إذا انخرمت تؤول حالة الأمة إلى فساد وتلاش. " [244]
وتتمثل هذه المصالح فيما يلي:
1 الدين.
2 النفس.
3 النسل.
4 العقل.
5 المال.
ولقد شرع للمحافظة على الدين وجوب الجهاد في سبيل الله للذود عن الدين، كما شرع للمحافظة على النفس وجوب تناول القدر الضروري لبقائها من طعام وشراب، ووجوب ارتداء القدر اللازم لرفع الضرر عنها، ومما شرع للمحافظة على النسل تحريم الزنا والقذف وإقامة الحد على مرتكبي هاتين الفاحشتين، ومما شرع للمحافظة على العقل تحريم الخمر وسائر المسكرات، لأنها مدعاة لحدوث خلل في العقل، " فدخول الخلل على عقل الفرد مفض إلى فساد جزئي، ودخوله على عقول الجماعات وعموم الأمة أعظم، ولذلك يجب منع الشخص من السكر، ومنع الأمة من تفشي السكر بين أفرادها "[245]. ومما شرع للمحافظة على المال تحريم السرقة، وتحريم أكل المال بالباطل.
ثانيا: المصالح الحاجية: ويراد بها الأمور التي يحتاج الناس إليها لرفع الحرج عنهم، وبدونها لا يختل نظام حياتهم ولكنهم يحسون بالضيق والحرج. ومن أحكام رفع الحرج إباحة الفطر في رمضان للمسافر والمريض، وقصر الصلاة الرباعية في السفر، والتيمم عند فقد الماء أو عدم القدرة على استعماله.[246]
ثالثا: المصالح التحسينية: وهي ما يتعلق بمكارم الأخلاق[247]، ومحاسن العادات كالطهارة، ولبس الجديد من اللباس، وكل ما يرتقي بحياة الناس إلى مستوى أفضل.
2. أقسام المصالح من حيث اعتبار الشريعة أو عدم اعتبارها لها:
أولا: المصالح المعتبرة: وهي المصالح التي وردت نصوص لتحقيقها، فهي معتبرة بذلك في نظر الشريعة كالمصالح المذكورة آنفا.
ثانيا: المصالح الملغاة: وهي المصالح التي وردت نصوص دالة على إلغائها مثل: دعوى مساواة الابن والبنت في الميراث، فتلك مصلحة ملغاة بقوله تعالى: « يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين...»[248].
ثالثا: المصلحة المرسلة: وهي المصلحة المطلقة التي لم يرد نص يعتبرها أو يلغيها. كما تعرف بأنها: " المعاني التي يحصل من ربط الحكم بها وبنائه عليها جلب منفعة أو رفع مفسدة، ولم يقم دليل معين يدل على اعتبارها أو إلغائها "[249].
3. أدلة المعتدّين بالمصلحة المرسلة:
من الأدلة التي استدل بها المعتدّون بالمصلحة المرسلة ما يلي:
1- أن المعروف أن مصالح الناس في تجدد مستمر، وأن الشريعة الإسلامية جاءت لتحقيق مصالح العباد، فإذا ما استجد أمر في حياة الناس[250]، ولا يوجد نص يتناول ذلك، فإن القول باعتبار المصلحة ينسجم مع بقاء الشريعة وخلودها، " فأينما وجدت المصلحة فثم شرع الله "[251].
2- حصول إجماع الصحابة على الاحتجاج بالمصلحة المرسلة، ويتجلى ذلك في تشريعهم لكثير من الأحكام تحقيقا لمصالح مطلقة، ومن ذلك ما يلي:
أ. تم جمع القرآن الكريم في مصحف واحد في عهد أبي بكر الصديق.
ب. لقد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يستخلف أحدا بعده، ولما رأى أبو بكر الصديق رضي الله عنه أن مصلحة الأمة تقتضي استخلاف عمر بن الخطاب رضي الله عنه صنع ذلك تحقيقا لتلك المصلحة،
ج. وضع عمر بن الخطاب للخراج وتدوينه تحقيقا للمصلحة.
د. حكم عثمان بن عفان رضي الله عنه بتوريث المرأة التي طلقها زوجها في مرض موته بغية حرمانها من الميراث، وذلك معاملة بعكس مقصوده.


4. أهمية العمل بالمصلحة المرسلة:
إن العمل بالمصلحة المرسلة يخدم مصالح الأمة، إذ أن الراسخين في العلم وولاة الأمور في إمكانهم تشريع ما يحقق مصالح الناس في إطار معالم الشريعة وروحها، ولا شك أن استجابة الشريعة لمصالح الناس المتجددة مظهر من مظاهر كمال الشريعة وصلاحيتها كل زمان ومكان[252].
5. شروط العمل بالمصلحة المرسلة:
تشير كثير من المراجع إلى شروط لازمة للعمل بالمصلحة المرسلة تتمثل فيما يلي:
أولا: أن تكون المصلحة كلية، بمعنى أن تكون شاملة للكثير من الناس فإذا كانت خاصة فلا يعتمد عليها تشريع في الحكم.
ثانيا: أن تكون المصلحة حقيقية، بمعنى أن يكون تشريع حكم بناءا على تلك المصلحة من شأنه جلب النفع أو دفع الضرر.
ثالثا: أن تكون المصلحة ملائمة لمقاصد الشريعة، فإذا لم تكن كذلك لا يعتمد عليها في تشريع الأحكام.
رابعا: ألا تكون مصلحة ملغاة، فإذا ورد نص يلغي مصلحة معينة فلا مجال لتشريع حكم بناءا عليه.
6. مجال العمل بالمصلحة المرسلة:
إن إدراك المصلحة يتحقق في المعاملات دون العبادات، لذلك فإن مجال العمل بالمصلحة المرسلة هو مجال المعاملات.
أمثلة لبعض الأحكام الصادرة بناءا على مصلحة:
أ. فرض الضرائب عند عدم وجود ما يكفي من المال لتحقيق مصالح الناس العامة.
ب. توثيق عقد الزواج تحديدا للمسؤوليات وحفظا للحقوق.
ج. النص على أن نقل الملكية من البائع إلى المشتري في عقد البيع يتم بعد تسجيله.
د. وضع قواعد المرور والإلزام بتطبيقها.
7. المصلحة المفسدة من حيث تعلق الخطاب بها شرعا:
يقول الإمام الشاطبي [253]: " فالمصلحة إذا كانت هي الغالبة عند مناظرتها مع المفسدة في حكم الاعتياد فهي المقصودة شرعا، ولتحصيلها وقع الطلب على العباد ليجري قانونها على أقوم طريق وأهدى سبيل...وكذلك المفسدة إذا كانت هي الغالبة بالنظر إلى المصلحة في حكم الاعتياد، فرفعها هو المقصود شرعا ولأجله وقع النهي ".
الفصل الثاني: عهود التشريع الإسلامي
مر التشريع الإسلامي بعهود يمكن حصرها فيما يلي:
المبحث الأول: عهد الرسالة
يعد هذا العهد أهم عهود التشريع، لأن الحكام الشرعية فيه كان مصدرها الوحي بشقيه القرآن والسنة. وينقسم إلى مرحلتين أساسيتين هما:
أ- المرحلة المكية: وهي مدة إقامة النبي عليه الصلاة والسلام بمكة، وهي اثنتا عشرة سنة وخمسة أشهر وثلاثة عشر يوما[254]. وقد اتجه الوحي في هذه المرحلة إلى بيان أصول الدين والدعوة إليها، والأمر بأمهات الفضائل والنهي عن الرذائل، ولم يتعرض إلى الأحكام العملية إلا قليلا وبشكل كلي غالبا.[255]
ب- المرحلة المدنية: وهي مدة إقامة النبي عليه السلام بالمدينة ( بعد الهجرة )، وهي تسع سنوات وتسعة أشهر وتسعة أيام.
وفي هذه المرحلة أخذ الوحي ينزل بالتشريعات المفصلة التي لا بد منها لتنظيم حياة المسلمين، إذ بدأت الدولة الإسلامية تتكون، وتحتاج إلى ما تقوم به من نظم وتشريعات وقوانين تحدد العلاقات بين أفرادها، وبينها وبين غيرها من الأمم... فقد وضع الإسلام لأول مرة في تاريخ العرب فكرة الدولة، وجعل من الواجب طاعة السلطان، قال تعالى:
« يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم...»[256].
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني ).
كما قيد الإسلام سلطة الدولة بأن أوجب الشورى في الحكم، فقال تعالى: «...وأمرهم شورى بينهم...»[257].
وقال أيضا: «...وشاورهم في الأمر...»[258].
وجاء في الحديث النبوي الشريف: ( السمع والطاعة حق ما لم يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة ).
كذلك دعا الإسلام إلى الجهاد في سبيل الله وحرم الغزو الجاهلي، وأباح الحرب الدفاعية لأجل دفع العدوان، وحرم قتل الأطفال والشيوخ والنساء [259]، كما منع قتل رجال الدين ومنع التمثيل بالعدو...
كما وضع أحكام الأسرة من زواج وطلاق وولاية ونفقات ومواريث، كما أقر الإسلام الحريات ووضع الضوابط اللازمة لها...[260]
1. مصادر التشريع في هذا العهد[261]:
ليس للتشريع مصدر في هذا العهد إلا وحي السماء كما صرح القرآن بذلك في آية:
« وما ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحي يوحى »[262].
«...ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء...»[263].
والرسول صلى الله عليه وسلم كما أمر بتبليغ الوحي في قوله تعالى:
« يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك فإن لم تفعل فما بلغت رسالته... »[264].
و أمر ببيانه في قوله تعالى:
«...وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل عليهم...»[265].
2. طريقة التشريع في هذا العهد:[266]
تتمثل الخطة التشريعية في هذا العهد في ثلاث طرق هي:
الأولى: حدوث واقعة.
فمن الأحكام التي نزلت بمناسبة حوادث وقعت قوله تعالى:
« ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم...»[267].
فقد نزلت هذه الآية بمناسبة حادثة خلاصتها أن أحد المسلمين عزم على نكاح مشركة وعلق نكاحه على موافقة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أخبره بذلك نزلت هذه الآية.
ومن ذلك أيضا ما روي عن جابر بن عبد الله أنه قال: جاءت امرأة سعد بن الربيع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بابنتيها فقالت: يا رسول الله هاتان ابنتا سعد ابن الربيع قتل أبوهما معك في أحد شهيدا وإن عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالا ولا ينكحان إلا بمال، فقال: ( يقضي الله في ذلك ). فنزلت آية الميراث، فأرسل الرسول عليه السلام إلى عمهما فقالSad أعط ابنتي سعد الثلثين أمهما الثمن وما بقي فهو لك ).
الثانية: ورود سؤال
ومن الأحكام التي نزلت جوابا عن سؤال قوله تعالى:
« يسألونك ماذا أحل لهمن قل أحل لكم الطيبات... »[268]
« يسألونك عن الأهلة، قل هي مواقيت للناس والحج... »[269]
« يسألونك ماذا ينفقون، قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل... »[270]
«... ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير... »[271]
« يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه، قل قتال فيه كبير... »[272]
« يسألونك عن الخمر والميسر، قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما اكبر من نفعهما، ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو... »[273]
« ويسألونك عن الروح، قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا »[274].
« ويسألونك عن الجبال، فقل ينسفها ربي نسفا »[275].
ومن السنة ما روي أن بعض الصحابة سألوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا له: إنا نركب البحر المالح وليس معنا من الماء العذب ما يكفي الوضوء أفنتوضأ بماء البحر ؟ فقال عليه السلام: ( هو الطهور ماؤه الحل ميتته ).
وروى البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة أن هندا قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال عليه السلام: ( خذي ما يكفيك بالمعروف ).
الثالثة: تشريع أحكام غير مسبوقة بواقعة أو سؤال.
ومن تلك الأحكام قوله تعالى:
« يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين...»[276].
وقوله: « يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون »[277].
إضافة على أحكام أخرى تتعلق بالأسرة وبعض العقوبات ونحو ذلك.
3. مميزات التشريع في هذا العهد [278]:
امتاز التشريع في هذا العهد بمميزات أهمها:
أولا: التدرج في التشريع والتدرج نوعان:
أ- تدرج زمني: بمعنى أن الأحكام الشرعية لم تشرع جملة واحدة، بل استغرق أمر تشريعها طوال مدة الرسالة، ففي ليلة الإسراء قبل الهجرة بسنة فرضت الصلاة، وفي السنة الأولى من الهجرة شرع الأذان والقتال، كما شرعت أحكام من النكاح كالصداق والوليمة. وفي السنة الثانية شرع الصوم وصلاة العيدين ونحر الأضاحي، والزكاة، وحولت فيها القبلة، وأحلت الغنائم للمجاهدين. وفي السنة الرابعة فرض الحج.
ب- التدرج في تشريع الحكم الواحد: ومثال ذلك ما يلي:
- الصلاة: فقد شرعت في أول الأمر صلاتان: صلاة في الغداة وصلاة في العشي، ثم شرعت خمس صلوات في اليوم والليلة.
- الزكاة: كانت أول الأمر اختيارية غير محددة الأنصبة والمقادير، ثم بعد ذلك فرضت محددة المقادير، وشرعت مختلفة باختلاف نوع المال.
- تحريم الربا: ففي أول الأمر أوضح الله أن الربا لا نماء فيه ولا بركة، قال تعالى: « وما أتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربو عند الله...»[279].
ثم بعد ذلك بين الله أن الربا ظلم، وانه حرم على اليهود طيبات كثيرة كانت حلالا لهم بسبب أكلهم الربا وقد نهوا عنه، قال تعالى: « فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم، وبصدهم عن سبيل الله كثيرا، وأخذهم الربا وقد نهوا عنه، وأكلهم أموال الناس بالباطل...»[280].
ثم نهى الله عن تعاطي الربا في أقبح صورة، وهي الصورة التي كانت شائعة بين الناس، فقال سبحانه: « يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون »[281].
ثم جاء التشريع بتحريم الربا بجميع أنواعه، قال تعالى: « الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس، ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا، واحل الله البيع وحرم الربا...»[282].
- تحريم الخمر: أشار القرآن في البداية إشارة خفية على ذم الخمر، وذلك في قوله تعالى: « ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا...»[283].
ثم أنزل الله قوله الكريم: « يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما...»[284]، وهذه الآية غيرت نفوس المؤمنين الذين كانوا يظنون أن شرب الخمر فضيلة، وهذا أهم جانب في علاج النفوس، فاعتقد المسلمون بعد ذلك أن تعاطي الخمر ليس فضيلة، وان المضار التي تحويها الخمر أكثر من المنافع، وامتنع بعض المسلمين عن تعاطيها، واستمر آخرون في تناولها، ثم حرمها الإسلام في بعض الأوقات حتى يعتاد المدمنون تركها جزئيا: « يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى... »[285]، ثم حرمها تحريما قاطعا: « يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون »[286].
ثانيا: رفع الحرج
وتتجلى هذه الميزة في كثير من النصوص القرآنية والنبوية، منها قوله تعالى:
«...وما جعل لكم في الدين من حرج...»[287].
«... ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم ليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون »[288]
«...يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر...»[289].
«...يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا...»[290].
« لا يكلف الله نفسا إلا وسعها...»[291].
وقوله عليه الصلاة والسلام:
( يسروا ولا تعسروا ).
( بعثت بالملة السمحة الحنيفية البيضاء ).
وثبت من سيرته عليه السلام أنه ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما.
ثالثا: النسخ
ويعرفه الشيخ محمد الخضري بك بقوله:" النسخ في اصطلاح الفقهاء يطلق على معنيين:
الأول: إبطال الحكم المستفاد من نص سابق بنص لاحق، ومثاله ما ورد في حديث: ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها ).
فالنص الأول يطلب الكف عن الزيارة، والنص الثاني يرفع ذلك النهي ويحل محله الإباحة أو الطلب.
الثاني: رفع عموم نص سابق أو تقييد مطلقه، ومثاله: قوله تعالى في سورة البقرة: « والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء »، ثم قال في سورة الأحزاب: « إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها ». فإن النص الأول عام يظم المدخول بها وغيرها، والنص الثاني يعطي غير المدخول بها حكما خاصا بها "[292].
ويمكن تحديد شروط النسخ في خمسة هي:
الأول: أن يكون الحكم في الناسخ والمنسوخ متناقضا، فلا يمكن العمل بهما.
الثاني: أن يكون حكم المنسوخ ثابتا قبل ثبوت حكم الناسخ.
الثالث: أن يكون حكم المنسوخ ثابتا بالشرع لا بالعادة والعرف، فإنه إذا ثبت بالعادة لم يكن رافعه ناسخا بل يكون ابتداء شرع آخر.
الرابع: كون حكم الناسخ مشروعا بطريق النقل فلا يجوز أن يكون ناسخا للمنقول، ولهذا إذا ثبت حكم منقول لم يجز نسخه بإجماع ولا بقياس.
الخامس: كون الطريق الذي ثبت به الناسخ مثل طريق ثبوت المنسوخ أو أقوى منه، ولهذا نقول: لا يجوز نسخ القرآن بالسنة.[293]
وقد وقع النسخ رعاية لمصالح المكلفين ورفعا للحرج عنهم، ومن أمثلة النسخ ما يأتي:[294]
- قوله تعالى: « كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية...»[295]، ذهب كثير من العلماء إلى نسخها بآية الميراث، ونص أحمد على ذلك فقال: الوصية للوالدين منسوخة.
- قوله تعالى: « والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج... »[296] فهذه الآية تحدد مدة العدة بعام، مع وصية الزوج بالإنفاق على الزوجة من الميراث، وعدم إخراجها من بيت الزوجية طوال مدة العدة، ثم جاء الحكم بتحديد العدة بأربعة أشهر وعشرة أيام وذلك في قوله تعالى: « والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا... »[297].
- قوله تعالى: «...ولا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى...»[299]، فهذه الآية تفيد إباحة السكر في غير الصلاة، ثم نسخت بقوله تعالى: « يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر...رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه...»[298].
المبحث الثاني: عهد الصحابة
يبدأ هذا العهد من تاريخ وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم في السنة الحادية عشرة للهجرة وينتهي في أواخر القرن الأول الهجري، ويمتاز هذا العهد باتساع رقعة الدولة الإسلامية والتي شملت بلاد الشام ومصر والعراق وفارس، ولا يخفى علينا تباين بيئات وحضارات تلك البلاد مما استتبع ظهور مسائل جديدة تتطلب اجتهادات تستجيب لتلك المسائل، ولذلك صدرت فتاوى عديدة عن الصحابة مبنية على الاجتهاد استوعبت كل ما جد من مسائل [300].
1. طريقة التشريع المعتمدة في هذا العهد
إن الصحابة رضوان الله عليهم لم يتوسعوا في وضع فرضيات والإجابة عنها، بل كانوا يكتفون بالإجابة عما ورد إليهم فعلا، وكانوا في أول عهدهم أي في خلافة أبي بكر وأول خلافة عمر رضي الله عنهما يتولون بسلطتهم التشريعية في ما لا نص فيه في جمعية تشريعية متكونة من رؤوس الصحابة، يدل على ذلك ما رواه البغوي في مصابيح السنة، قال:" كان أبو بكر إذا ورد عليه الخصوم نظر في كتاب الله فإن وجد فيه ما يقضي بينهم قضى به، وإن لم يجد في الكتاب وعلم من رسول الله في ذلك الأمر سنة قضى بها، فإن أعياه خرج فسأل المسلمين وقال: أتاني كذا وكذا، فهل علمتم أن رسول الله قضى في ذلك بقضاء ؟ فربما اجتمع عليه النفر كلهم يذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه قضاء، فيقول أبو بكر: الحمد لله الذي جعل فينا من يحفظ عن نبينا، فإن أعياه أن يجد فيه سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع رؤوس الناس وخيارهم، فإن أجمع رأيهم على أمر قضى به ".
وكان عمر يفعل ذلك، فإن أعياه أن يجد في القرآن والسنة نظر هل كان فيه لأبي بكر قضاء، فإن وجد أبا بكر قضى فيه بقضاء قضى به، وإلا دعا رؤوس المسلمين فإذا اجتمعوا على شيء قضى به.
وبعد الفتوحات الإسلامية واتساع رقعة البلاد الإسلامية تفرق الصحابة في الأمصار فراح كل صحابي في موقعه يفتي في ما لا نص فيه، ذلك ما استتبع اختلاف الصحابة في بعض الفتاوى تبعا لاختلاف ظروف ومصالح كل بلد[301].
ويمكن إرجاع الاختلاف الواقع بين الصحابة إلى الأسباب الآتية:
الأول: وجود نصوص في القرآن وفي السنة ظنية الدلالة [302]، مما يفتح المجال للاختلاف في فهم النصوص.
الثاني: عدم تدوين السنة، لذلك قد يصل حديث معين إلى أحد الصحابة دون الآخر، فتكون - بالضرورة - فتوى العالم بالحديث مختلفة مع فتوى غير العالم به.
الثالث: تباين مصالح العباد من بلد إلى آخر، ذلك ما نتج عنه اختلاف الفتاوى.
2. أشهر المفتين من الصحابة:
في المدينة المنورة: الخلفاء الأربعة، أم المؤمنين عائشة، زيد بن ثابت، عبد الله بن عمر بن الخطاب.
في مكة المكرمة: عبد الله بن عباس.
في الكوفة: عبد الله بن مسعود.
في البصرة: أنس بن مالك، أبو موسى الأشعري.
في الشام: معاذ بن جبل، عبادة بن الصامت.
في مصر: عبد الله بن عمرو بن العاص.
المبحث الثالث: عهد التدوين والأئمة المجتهدين [303]
كانت بداية هذا العهد في أوائل القرن الثاني الهجري، وامتد إلى غاية أواسط القرن الرابع الهجري. ويعد هذا العهد عهدا ذهبيا للتشريع الإسلامي، وقد ظهرت حركة التدوين - في هذا العهد - واضحة إذ تم تدوين السنة وفتاوى الصحابة والتابعين وتابعيهم، كما برز الأئمة والفقهاء أصحاب الملكات الفقهية الراسخة.
ويمكن إرجاع أسباب ازدهار التشريع في هذا العهد إلى ما يلي:
أولا: اهتمام الخلفاء العباسيين بالعلم وأهله، ويتجلى ذلك في تقريب الخلفاء للفقهاء وأهل العلم، فالرشيد - مثلا - طلب من أبي يوسف وضع قانون إسلامي للأمور المالية، فاستجاب لذلك بتأليف كتابه "الخراج"، ونجد أبا جعفر مهتما بالفقه وأهله، وقد ورد أنه أراد أن يجعل موطأ الإمام مالك قانونا لدولته، ولكن مالكا لم يرض بذلك قائلا: " يا أمير المؤمنين لا تفعل، قد سبقت إليه أقاويل، وسمعوا أحاديث، ورووا روايات، وأخذ كل قوم بما سبق إليهم، فدع الناس وما اختار أهل كل بلد منهم لأنفسهم ".
ثانيا: اتساع رقعة البلاد الإسلامية التي تمتد من إسبانيا إلى الصين، وقد استتبع ذلك تباين ظروف تلك البلاد تبعا لاختلاف الحضارات والثقافات، مما أدى إلى استجابة الفقه لجميع التساؤلات والقضايا، وفي ذلك إثراء للفقه وتطوير له.
ثالثا: تدوين السنة، وقد كان لتدوين السنة الثر الفعال في تنشيط الحركة الفقهية في هذا العهد، حيث أن الفقهاء يرجعون إلى السنة للبحث عن ضالتهم دون كبير جهد، مما يسهل استنباط الأحكام التي تستجيب لمستحدثات العصر.
رابعا: حصول المناظرات بين الفقهاء، فذلك من دواعي التعمق في البحث واستقراء الأدلة لإثبات كل فقيه صحة رأيه وقوة وجهة نظره، وذلك يؤدي أخيرا إلى اتساع دائرة الحركة الفقهية.
ويلاحظ في هذا العهد جملة من الملاحظات يمكن تلخيصها فيما يلي:
الأولى: أن الآراء الفقهية دونت، وهكذا أصبح الفقه مسطورا في بطون الكتب، يجيء الخلف فيرى عمل السلف مدونا منشورا بين الناس فيبني عليه من غير عناء في البحث عن الحفاظ والرواة.
الثانية: أن المذاهب تميزت وآراء المجتهدين قد تكونت، فصار لكل إمام مذهب، وله تلاميذ يتلقون عنه طريقته ويقتبسون من تفكيره.
الثالثة: أن الدولة لم تختر مذهبا من المذاهب تعمل به وتسير على منهاجه، بل يترك الأمر إلى القاضي واجتهاده، فلم يكن هناك قانون ملزم إلا الكتاب والسنة، وفي ما وراء ذلك فللقاضي رأيه واجتهاده وطريقة استنباطه.
الرابعة: كان الاجتهاد في هذا العهد حرا طليقا لم تغلق أبوابه، ولم يكن ثمة إلا من العامة يقلدون من يستفتونه، أما الفقهاء فكانوا حرية يظلها القرآن الكريم، وتنيرها السنة النبوية، ويهديها المأثور عن الصحابة والتابعين إلى محجة الصواب [304].
المبحث الرابع: عهد التقليد
بدأ هذا العهد من منتصف القرن الرابع الهجري إلى غاية أواخر القرن الثالث عشر الهجري، وهو عهد فتور همم العلماء عن استنباط الأحكام الشرعية من مصادرها فأصبحوا مقلدين للأئمة السابقين، وتوقفت في النهاية حركة الاجتهاد. ومن أسباب ذلك ما يلي:
أولا: انقسام الدولة الإسلامية إلى دويلات متناحرة، فانشغل ولاة الأمور بالفتن والحروب، ولم يهتم بالعلم وأهله.
ثانيا: شعور العلماء في هذا العهد بالنقص وعدم الثقة في نفوسهم وتهيبهم من الاجتهاد.
ثالثا: تعصب العلماء لآثار مدارسهم وأئمتهم، مما دفع بهم على التمسك بتلك الآثار وبذل الجهد من أجل إبراز صحتها ولو بكثير من التعسف.
وقد ظلمت الشريعة حينما شاعت الفتاوى الباطلة ممن ليسوا أهلا للإفتاء فتم الحكم بسد باب الاجتهاد في أواخر القرن الرابع الهجري.
وإذا كان الطابع المميز لهذا العهد هو التقليد، فقد برز – مع ذلك - علماء كبار نادوا بالاجتهاد المطلق، وخلفوا كنوزا علمية عظيمة منهم: ابن تيمية، وابن القيم، والشوكاني[305].
المبحث الخامس: عهد النهضة الفقهية الحديثة [306]

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://khdidou90@hotmail.com
 
دروس في مقياس الشريعة الإسلامية الجزء 3
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» دروس في مقياس الشريعة الإسلامية الجزء 1
» دروس في مقياس الشريعة الإسلامية الجزء 2
» دروس في مقياس الشريعة الإسلامية الجزء 4
» دروس في مقياس الإلتزامات( قانون مدني ) الجزء الثالث
» دروس في مقياس الإلتزامات( قانون مدني ) الجزء الرابع

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات بليمور القلعة :: منتدى العلوم القانونية والادارية-
انتقل الى: