من كتاباتي :
الحاجة يا ترى ما هو تعريفها في مجتمعنا؟ ، أهي الإهانة أم أنها مصدر لاستغلال ضعف المحتاج، كم
وكم من شخص حكم عليه القدر بأن يتغطى برداء الفقر ويترعرع فقيرا محتاجا لعون الاغنياء ويظل
يمد يده اليهم حتى يحصل على شيء ولو كان بسيط يسكت به جوع بطنه أو يستر بها جسده. يا ترى
كيف يرى مجتمعنا إلى هذه الفئة من الناس؟ وكيف يتعاملون معهم؟ إليك الصورة. البشر يدًعون أنهم
يهتمون ولكنهم في الأصل مجبرون على فعل ذلك ، إنهم لا يمثلون ما يفعلون ، الحقيقة ابتسامه
العطاء والواقع كره وإجبار. إنهم يريدون إسكات الناس ومن يستطيع اسكاتهم ؟ إنهم يريدون أن
يؤدون ما كتب عليهم وكأنهم مجبرين على فعله ، إنهم وببساطة يتقنون فن التمثيل. الأغنياء ذو
القلوب الميته هم أكثر الناس من يبدعون في هذا المجال ، فعندما يرون شخص محتاج قد مد يده اليهم
، يفتحون له أبواب السعادة والرخاء ويجعلونه يحلق بأحلامه إلى القمر ، ولكن كما يقال : " كل
شيء وبثمنه"، إنهم يبحثون عن المحتاج ويستقلون ضعفه المادي، حتى يحققون أهدافهم الخبيثة،
فما ذنب ذلك المحتاج البريء، ما ذنبه خلق محتاجا وفقيرا ؟ الذنب هو ذنب الذئاب الماكرة التي
تختبئ خلف مفهوم الصدقة والمساعدة، تقنعوا بالطيبة واستطاعوا أن يسكنوا بين الأبرياء
وأرغموهم على التعامل معهم وتصديقهم . القلوب الميته لا تحيى أبدا طالما خرجت روحها منها ولكن
في بعض الأحيان ،وبإرادة الخالق تحيى وتمسح الغبار الاسود لتصلح ما أتلفته في الماضي ولكن بعد
ماذا ؟ بعد ان ذرفت الدموع ،وانكسرت القلوب ، قد تستطيع أن تعيد ولو شيء بسيط ولكنها لن
تستطيع أن ترجعه كما كان. كم يحزنني أن أصف حال مجتمعنا اليوم وكيف أصبح ؟ وكم يؤسفني أن
أرسم صورته بكتابتي وألونها بألوان الحزن والأسى ، ولكنها الحقيقة التي لا يؤد الكثير الاعتراف
بها، نعم انها حالة محزنه تشهدها مجتمعاتنا اليوم، لقد ضاع معنى الحب والتعاون ، لم يعد لهما وجود
في كيان الحياة، لقد أصبحت الحياة باهته وخالية من الألوان الجميلة والبراقة التي تعطيها معناً
حقيقي وجميل. هم من مسحوا الألوان الجميلة ، وحطموا المعنى الحقيقي لها ، لقد نشروا رائحتهم
الكريهة بين الناس وأجبروهم أن يدمنوا عليها حتى يروا الظاهر منهم فقط ولا يتعمقوا في المكنون
في ذاتهم، إنهم كالملائكة في النور ،و شياطين في الظلام ، ماذا أقول أكثر من ذلك ، عجزت أصابعي
أن تصف شرهم وحقدهم صورتهم الدنيئة ، انظر كيف يستقلون المحتاج لمصالحهم ثم يرمونه في
غيابات السجن محكوما عليه بالموت أو السجن المؤبد ، من سيكفله ؟ لا مال ولا مكانه ولا حتى إذن
تستمع لأهاته ولآلامه، هنا لا يمكن أن نقول بأن القدر هو من حكم عليه بالسجن ، بل أولئك الفئة من
الناس التي لا تخشى الله ،وعقابه العسير. لقد أصبح ذلك المحتاج في نظر المجتمع مجرم خطير ،و
تلك الفئة من الناس أبرياء يحترمهم المجتمع ويحسب لهم ألف حساب ، انظر إلى نظرة المجتمع
وتفكيرهم ، لقد سممت عقولهم بغاز أولئك الناس، أصبحوا لا يفرقون بين الشخص الجيد و السيء،
وبين الطيب والخبيث وبين المفترس والفريسة، لقد اختلطت عليهم المسميات وأصبحوا يطلقونها
على الشخص الخطأ، هكذا هي حال مجتمعاتنا اليوم ، رفعت مكانة الخبيث وتعالت الأصوات لتحيته ،
ودفن الطيب خلف القضبان ،وأصبح شخص منبوذ للأبد، يا ترى متى سيفرج عنه ؟ من سيذكره؟ لا
أحد سوى الطير عند بزوغ الفجر ، ليخبره بأن يوم جديد قد أتى، وفئران تؤنسه في وحشة الظلام حتى
لا يشعر بالوحدة القاتلة.
__________________[b][justify]