منتديات بليمور القلعة نلتقي لنرتقي

قضاء الإلغاء الإداري مُخوَّل للبت في مشروعية قرارات إنشاء عقود الامتياز
قضت المحكمة الإدارية بالرباط بعدم قبول دعوى إلغاء العقد المبرم بين جماعة حسان الرباط، وشركة »باركينغ الرباط«، التي تستعمل »الصابو« لحجز السيارات بعدد من نقط العاصمة الإدارية للمملكة.
وكان الأستاذ عبد اللطيف وهبي المحامي بهيئة الرباط قد تقدم بمقال أمام المحكمة في إطار القضاء الشامل، إلا أن هيئة الحكم أكدت على ان إبطال عقود الامتياز لا تتم إلا من قبل أطراف العقد، وأن مجال »المنازعة في مشروعية قرار إنشاء العقد بالنظر لما تضمنته بنوده من مخالفة للقانون واللوائح هو قضاء الإلغاء، وليس القضاء الشامل«. وإذا كان القضاء الإداري الشامل قد حسم مرحليا في هذه النقطة، وخول لقضاء الالغاء البت في مشروعية قرارات أنشاء عقد الامتياز، فإن معطيات الملف تستدعي إعطاء توضيحات للرأي العام بشأن المبالغ المستخلصة لفائدة الجماعة، وطبيعة هذا النوع من التعاقد الامتيازي، والجهة المخولة لها قانونا حجز ممتلكات الغير، وغيرها من الأسئلة التي أثارها هذا الملف، وغيره من ملفات عقود الامتياز في عدد من مدن المملكة.
في هذا الإطار أصدرت المحكمة الادارية بالرباط يوم 21 نوفمبر 2006 حكمها في الملف رقم 06/631 ش.ت.
وفيما يلي حيثيات الحكم رقم 1437 الصادر عن الاستاذ مصطفى سيمو رئيسا ومقررا، والاستاذة لطيفة خمير عضوا، والاستاذ الشفيق عضوا، والأستاذ عبد الله بونيت مفوضا ملكيا، والسيد عبد الحكيم الأحرش كاتبا للضبط
بعد المداولة طبقا للقانون.
حيث دفعت الجهة المدعى عليها بكون المدعي ليس طرفا في العقد وأجنبيا عنه باعتبار أن عقد الامتياز موضوع الدعوى هو عقد بين شخص من أشخاص القانون العام وشركه الرباط »باركينغ« بمقتضاه يتعهد المفوض إليه بتسيير وتدبير مرفق عام تحقيقا لمصلحة عامة مقابل ثمن يحدد في العقد، وبالتالي فالمدعي لاصفة ولامصلحة له في رفع هذه الدعوى استنادا الى مبدأ نسبية العقود، سيما وأن المصلحة في دعوى القضاء الشامل مشروطة بقيام حق ذاتي لرافع الدعوى وقع الاعتداء عليها.
ومن جهة أخرى دفعت الشركة المدعي عليها بعدم جواز المطالبة بإلغاء العقد لأن كل ما يملكه الغير الأجنبي عن العقد هو المنازعة في مشروعية القرارات الإدارية المنفصلة عن العقد وليس في العقد برمته.
وحيث إنه يغض النظر عن التكييف القانوني للدعوى الحالية وعما إذا كانت تدخل أم لا في عداد دعاوى القضاء الشامل، فجدير بالذكر أن مبدأ نسبية العقود الذي تمسكت به الجهة المدعى عليها، ولئن كان يشكل القاعدة الأساسية التي تحكم امتداد سريان آثار العقود المدينة بوجه عام، فإنه في مجال العقود الإدارية، ترد على هذا المبدأ بعض الاستثناءات النابعة أساسا من كون هذا النوع من العقود قد تمتد آثاره الى غير المتعاقدين، ويتجلى ذلك على الخصوص في عقود الامتياز كما في نازلة الحال، حيث يستمد المرتفقون بعض الحقوق من تلك العقود كما قد تفرض عليهم بعض الالتزامات بمقتضاها. ومعلوم أن الإدارة لاتملك أن تبرم عقودها كما تشاء وكما يفعل الأفراد، بل هي مقيدة بضوابط معينة يتعين عليها احترامها، لذا فهي إن خالفت تلك الضوابط، كان من حق كل كل ذي مصلحة سواء تعلق الأمر بالمتعاقد الملتزم بالغير المخاطب بمقتضيات العقد، أن يقاضي الإدارة عن طريق المطالبة بإلغاء القرارات الإدارية المنفصلة عن العقد.
وحيث إن المحكمة بعد دراستها لمحتوى مقال الدعوى تبين لها أن المدعي أسس طلبه الرامي إلى إلغاء العقد موضوع النزاع على مخالفة مقتضيات هذا الأخير للقانون، لذا فما دام أن الإطار القانوني لمحاكمة مشروعية الأعمال الإدارية بوجه عام هو دعوى تجاوز السلطة، فإنه كان حريا بالمدعي أن ينازع في مشروعية قرار إنشاء العقد بالنظر إلى ما تضمنته بنوده من مخالفة للقوانين واللوائح، مما يجعل مجال المنازعة الحالية هو قضاء الإلغاء وليس القضاء الشامل، وأن المدعي الذي لانزاع في كونه من ساكنة جماعة الرباط حسان، يتوفر على الصفة والمصلحة لإقامة هذه الدعوى التي يتعين أن تستهدف القرار الإداري المنفصل الذي قضى بإنشاء وإبرام عقد تفويت تنظيم الوقوف المؤدى عنه لما شابه من عيوب المشروعية حسبما جاء في الادعاء، والذي يجد حتما تجسيده في مقرر صادر خلال مداولات المجلس الجماعي تمت من خلاله الموافقة على إبرام العقد وأشير إليه في محضر مداولات المجلس، وذلك في إطار المنازعة في الأسس القانونية التي شكلت خلفية لإبرام العقد وليس في بنود هذا العقد في حد ذاتها. وحيث لايمكن المطالبة بإلغاء أو بإبطال أو ببطلان عقد الامتياز إلا ممن كان طرفا في العقد وحيث يتعين تأسيسا على ما سبق التصريح بعدم قبول الطلب وبإبقاء الصائر على عاتق رافعه.
المنطوق:
وتطبيقا للقانون رقم 41.90 المحدثة بموجبه المحاكم الإدارية.
لهذه الأسباب:
حكمت المحكمة الإدارية علنيا ابتدائيا حضوريا:
في الشكل: بعدم قبول الطلب وبإبقاء الصائر على عاتق رافعه.
القاعدة
٭ لئن كان مبدأ نسبية العقود يشكل القاعدة الأساسية التي تحكم امتداد سريان آثار العقود المدنية بوجه عام، فإنه في مجال العقود الإدارية، ترد على هذا المبدإ بعض الاستثناءات التابعة أساسا من كون هذا النوع من العقود قد تمتد آثاره إلى غير المتعاقدين، ويتجلى ذلك على الخصوص في عقود الامتياز، حيث يستمد المرتفقون بعض الحقوق من تلك العقود، كما قد تفرض عليهم بعض الالتزامات بمقتضاها، فالإدارة لاتملك أن تبرم عقودها كما تشاء وكما يفعل الأفراد ، بل هي مقيدة بضوابط معينة يتعين عليها احترامها، لذا فهي إن خالفت تلك الضوابط، كان من حق كل ذي مصلحة سواء تعلق الأمر بالمتعاقد الملتزم، أو بالغير المخاطب بمقتضيات العقد، أن يقاضي الإدارة عن طريق المطالبة بإلغاء القرارات الإدارية المنفصلة عن العقد.
* قرار الإدارة القاضي بإنشاء عقد الامتياز، يعتبر بالنسبة للغير بمثابة قرار إداري منفصل عن الرابطة التعاقدية التي جمعت بين طرفي العقد، وبالتالي يمكنه المنازعة في مشروعية هذا القرار المفضي إلى العقد عن طريق دعوى الإلغاء متى كان لبنود هذا العقد مساس بمصالحه، وطالما أنه لاينازع في بنود العقد، وإنما في الأسس القانونية التي شكلت خلفية لإبرامه.
٭ لايمكن المطالبة بإلغاء أو بإبطال أو ببطلان عقد الامتياز إلا ممن كان طرفا في العقد.
دعاوى المبدأ
٭ التمس من المحكمة الحكم بدرهم رمزي لتدليس الشركة في بيع جهاز بـ 20 درهما لعدم وفائها بالالتزامات الواردة في الإشهار المُعمّم على عموم المواطنين.
٭ أطالب بالتعويض المادي والمعنوي عن تعطيل مصالحي بسبب تأخير مواعيد القطار، أو الطائرة.
٭ يلتمس العارض الحكم بإلزام إدارة البريد بقبول المراسلات باللغة العربية.
٭ يطالب المدعي الحكم بفسخ عقود الامتياز...
هذه النماذج من الدعاوى القضائية التي يتطوع مواطنون لرفعها أمام القضاء، رغم محدوديتها، تندرج في إطار »دعوى المبدإ« ويستحق هذا النوع من التقاضي التشجيع، والتنويه، لكونه يرسخ الدود على القانون، الذي يعلو ولا يُعلى عليه، ويساهم في خلق ثقافة قانونية سليمة، للدفاع عن الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، في إطار المبادئ الكونية لحقوق الإنسان.
لاشك أن تعقيدات المساطر، وطول مدة البت في القضايا، وكُلفة التقاضي، وما تتطلبه من صبر، وعدم تشجيع الثقافة القانونية، عناصر تساهم كلها في عدم انتشار مثل هذه الدعاوى، خاصة أن عدداً مهماً من جمعيات المجتمع المدني لاتزال لم تول لهذا الموضوع في شموليته أهميته القصوى، باعتبار أن الحقوق تُؤخذ ولا تُعطى.
إن اللجوء إلى القضاء في سياق »دعوى المبدإ« بغض النظر عن نتيجة الحكم، يفترض أن تصبح قاعدة، لكونها مؤشر على الانخراط في دولة المؤسسات، والقانون، والتَّشبُّع بثقافة حقوق الإنسان، وهذا يتطلب التوعية والتحسيس، وتقديم الدَّعم، وانخراط المجتمع المدني، بما في ذلك جمعية هيئات المحامين بالمغرب، في هذه الدينامية، بالنظر للأدوار الطلائعية لهذه الفئات على المستوى العالمي، في الدفع بالمسلسل الديمقراطي، والتنمية، وترسيخ دولة الحق والقانون.