بحث حول التحرير الإداري
المبحث الأول : التحرير الإداري وتقنياته
يعتبر التحرير الإداري من بين المواضيع التي تهم الطالب بل وبالأخص الموظف الإداري التي تمكنه من التراسل الإداري ,وسنتطرق في هذا المبحث إلى تقديم منهجية واضحة المعالم لتحرير الرسالة الإدارية وذالك من خلال إبراز بعض الجوانب والتقنيات المنهجية للتحرير الإداري سنفرغها في قالب متفرع إلى أربعة مطالب كالأتي
المطلب الأول : مفهوم التحرير الإداري
أولا : لغة : حرر يحرر تحرير أي كتب , وتحرير الكتاب وغيره تقويمه
وتحرير الكتابة : إقامة حروفها وإصلاح السقط والسقط هوا لخطأ في القول والحساب والكتابة
هو لغة مشتقة من حرر أي أطلق صراح الفكرة أو إعطاء الحرية للتعبير
ثانيا : اصطلاحا
تعني الإنشاء والكتابة , ويمكن تعريفه "مجموع الوثائق التي تحررها الإدارة بواسطة موظفيها , وتستعملها كوسيلة اتصال بغيرها من المصالح الإدارية الأخرى , وكذالك للقيام بعملياتها المختلفة بغية الوصول إلى الهدف المسطر لها
ولقد فضل المؤلف تسميتها بالمراسلات الإدارية لشموليتها إذ تتناول بالدراسة الوثيقة الإدارية وكيفية معالجتها (طريقة الكتابة ) أما التحرير فقد يقتصر على طريقة الكتابة والبراعة في عرض الموضوع من خلال ترتيب أجزائه وإبراز نتائجه
فالمراسلات الإدارية كونها من وسائل الاتصال المباشر لا يكمن الاستغناء عنها نظرا لأهميتها في الحياة اليومية والعصرية , ولقد أستخدم الأولون الرسالة فكانت هي الأداة الوحيدة التي تنقل الخبر وتعلم أو تبلغ المخاطب بها عن الأوضاع أو المواقف , بل وقبل ظهور الرسالة المكتوبة كانت هناك أنواع جمة من التراسل والتواصل ولعل أهم الأمثلة الحمام الزاجل أو عن طريق الخيول التي يقودها فارس الذي يسافر من منطقة إلى منطقة لإيصال الخبر
ولكن بتطور وسائل الاتصال والإعلام ظهرت أنواع جديدة من الاتصالات ولعل أهمها الهواتف اللاسلكية والأعلام الآلي والانترنت وغيرها من وسائل الاتصال
ثالثا : أهمية التحرير الإداري
مازالت الوثائق الإدارية المكتوبة عموما والرسالة الإدارية على وجه الخصوص وزنها الكبير , نظرا لأهميتها في الحياة العملية واليومية فنجدها صارت من الوثائق الإدارية الغالبة في الاستعمال وتتدرج أهميتها تبعا للمهام التي تتضمنها والتي يمكن ترتيبها على النحو الأتي
1- الوسيلة الغالبة في اتصال وفي نقل المعلومات
للمراسلات الإدارية مكانة خاصة في النشاط الإداري فهي من بين الوسائل الغالبة والجارية العمل والتعامل بها في العلاقات الإدارية فيجب على مستعملها حسن استعمالها ,كما تعتبر من بين أهم العوامل التي تساهم في نجاح أي تنظيم إداري , نقل المعلومات وإيصال الحقائق إلى الأشخاص المعنيين بأي أمر
>بالإضافة إلى حسن استغلال الثروة اللغوية والدقة في التعبير , كما أنها تعتبر وسيلة تلبي حاجات التبليغ الأساسية
2- >أنها مادة عمل وميدان للتطبيق
إن الإلمام بقواعد التحرير أمر ضروري وهذا من اجل التحرير السليم والتحكم في المضمون كما إن الموظف عليه إيجاد هذه القواعد حتى يتسنى له إيصال ونقل المعلومات إلى المخاطب بها كما يفهمها هو –المسؤول- فأهميتها العملية تشمل كل من العاملين بالإدارة والمتعاملين معها ,فإذا كان كلاما بينهم متبادلا بالكلمة يسمى اتصالا ,آما إذا كان بالكتابة فتسمى مراسلة أو مكاتبة
3 - أن لها دلالة مادية في الإثبات
وذالك على أساس أن الوثائق الإدارية أوراق رسمية وأن الكتابة هي أقوى الأدلة في الإثبات وتكون لصورتها الرسمية خطية كانت أو فوتوغرافية حجة بالقدر الذي تكون فيه مطابقة للأصل
كما أنها تثبت هوية صاحبها وذالك من خلال الوثائق المرفقة بها وذالك من ناحية الكفاءة
4- تسيير الحركة الإدارية في مؤسسة ما أو شركة بالإضافة إلى أنه بسيط الاستعمال , قليل التكاليف هل الحفظ والرجوع إليه عند الحاجة أداة سهلة للتواصل والتخاطب والتداول
المطلب الثاني: خصائص التحرير الإداري
يتميز التحرير الإداري بجملة من الخصائص يتصل بعضها بالتنظيم الإداري وما يترتب عنها من احترام التسلسل الإداري (التدرج الرئاسي) وما يتعلق به كالتحلي بروح المسؤولية والحيطة والحذر ثم المحافظة على سر المهنة وهذه الخصائص يجب أن تتوفر في الموظف الإداري أو أي شخص معني بهذا النوع من التحريرات أو المراسلات
وهذه الخصائص عبارة عن قواعد تنظيمية يجب احترامها , وهذه القواعد هي جزء من مجموعة الضوابط الإدارية التي تحكم التنظيم الإداري وتحدد العلاقة بين الرئيس والمرؤوس سواء من أعلى أو من أسفل على النحو الأتي
1- احترام التسلسل الإداري
يقوم التنظيم الإداري في الدولة عى أساس التسلسل الإداري – التدرج أو السلم الإداري – وهذا الأخير يتخذ شكل هرم يتجزأ إلى عدة أجزاء من الأعلى إلى الأسفل وفقا للقاعدة القانونية الأعلى يسود الأدنى
ولابد من الإشارة إلى قاعدة أخرى يجب التقيد بها عندما يتعلق الأمر بالمراسلة الداخلية وهي احترام السلم الإداري,وذلك يعني أنك إذا واجهت رسالة إلى احد رؤسائك الأعْليْن ,فلابد من أن تطْلع عليها رِؤسائك المباشرين للإعلام وللإدلاء بالرأي في فحواها عندما يستدعي الأمر ذلك , ويعبر عن ذلك على النحو الآتي ,في عنصر المرسل إليه
إلى السيد مدير التربية ,بوساطة السيد مفتش التعليم الأساسي , بوساطة السيد مدير التربية ...الأساسية نموذج رقم : 01
إلى السيد مدير الشركة الوطنية للكهرباء والغاز , بوساطة مدير الموظفين , بوساطة رئيس مصلحة الوسائل العامة نموذج رقم 02
إلى السيد مدير المالية , بوساطة رئيس مصلحة المحاسبة نموذج رقم :03
2- المسؤولية والحذر
إن مبدأ المسؤولية هو أساس التحرير الإداري , ويقصد بها هنا سلطة اتخاذ القرار مع تحمل نتائجه , والأصل أن رئيس المؤسسة أو مديرها هو المسؤول الأول عن التنفيذ السليم للمهام التي أسندت إليه في إطار نشاط مؤسسته طبقا للقاعدة " حيث تكون السلطة تكون المسؤولية ", لكن قد يتغيب المدير لمانع ما أو يفوض بعضا من صلاحياته إلى أحد مساعديه لكثرة مهامه ,فيحدث أن يتعدى هذا الأخير الصلاحيات المفوض فيها تفويض توقيع مكتوب أو غير مكتوب, فهنا يجب التمييز بين ما إذا كان الخطأ شخصيا و به تنعقد مسؤولية المفوض إليه على أساس الخطأ أو كان مصلحيا فتتحمله الإدارة
وقد ينتفي الخطأ الشخصي والمرفقي معا حين تطغى المصلحة العامة بضروراتها ومقتضياتها فهنا تكون المسؤولية على أساس نظرية المخاطر مما يدخل في موضوع القانون الإداري
وعليه فيجب مراعاة مبدأ المسؤولية عند التحرير ومن التوجيهات المقدمة في هذا الإطار عدم استعمال ضمير الجمع "نحن" بل نستعمل ضمير المفرد دون ذكر الضمير
فأقول مثلا : يشرفني ...,أعلمكم ...,.قررت ....., لاحظت ..,الخ
بدلا من : يشرفنا .., نعلمكم ..., قررنا ..., لاحظنا .., ..الخ
وأما الحذر فهو الحيطة والتحفظ فحتى لا يتحمل المرؤوس المسؤولية يجب عليه أن يكون حذرا وبصيرا, فلا يغتر بنفسه بل عليه أن يترك الكلمة الأخيرة لمن بيده اتخاذ القرار وعليه أن يختار العبارات الخفيفة واللطيفة مع شيء من التحفظ بدلا من إثباتات صريحة ويمكنه أن يستعمل العبارات التالية : يبدو لي....في رأيي....يظهر مما سبق ...يتضح من ذلك
3- >واجب المحافظة على سر المهنة</تدخل هذه النقطة ضمن دراسة واجبات الموظف إلا أن لها علاقة وطيدة بالتنظيم ككل وبمبدأ المسؤولية خاصة إذ يجب على الموظف أن يحافظ على سر المهنة , فلا يوزع أو يطلع الغير خارج ضرورات مصلحته على أي عمل أو أي شيء مكتوب أو خبر يعرفه شرط ألا يكون ذلك على حساب الإعلام الإداري , كما يمنع من إفشاء وثائق المصلحة أو إتلافها دون ترخيص مكتوب من رئيسه الإداري